قصة نجاح ريادية قصيرة. على عكس ما يعتقده الكثير من الناس، ففي بداية عصر انتشار الإنترنت لم يكن كل النجاح والتميز من نصيب أشخاص أجانب فقط.
فقد كان للعرب تأثير كبير في نشر ثقافة الإنترنت في الوطن العربي، ومنهم صاحب قصة النجاح الريادية المهندس سميح طوقان، فمن منّا لم يسمع عن مكتوب؟
في هذه المقالة، سوف نلقي نظرة قريبة على قصة حياة ونشأة سميح طوقان، وسنتعرف على العوامل التي ساعدته في إطلاق أول منصة عربية رائدة على الإنترنت.
محتويات المقال
نشأة سميح طوقان
ولنبدأ قصة نجاح ريادية قصيرة بنشأة بطلها، وهو سميح طوقان، والذي ولد في عام 1969 في عمان بالأردن، لعائلة أصلها من نابلس، في فلسطين.
وقد هاجرت عائلته إلى الأردن بعد نزوح الفلسطينيين في نكبة عام 1948.
وفي الأردن، نشأ في بيئة أسرية داعمة شجعته على متابعة تعليمه العالي.
حيث كان أبوه استاذ جامعي ووالدته معلمة، وقد تميز منذ صغره بالذكاء والفضول، ولهذا كان يحب القراءة والتعلم.
فتلقى طوقان تعليمه المبكر في الأردن في مدرسة المطران في عمان، قبل أن يسافر إلى الخارج لإكمال دراساته العليا.
وفي عام 1990 حصل على درجة الماجستير في الهندسة الكهربائية من جامعة إمبريال كوليدج في لندن في المملكة المتحدة، وقد تخرج بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف.
كما قام بزيادة مستوى تعليمه من خلال حصوله على درجة الماجستير في إدارة الأعمال الدولية من جامعة HEC في فرنسا عام 1992.
وقد عرّفه تعليمه في الخارج على أحدث التطورات التكنولوجية والممارسات التجارية الحديثة التي يتم اتباعها في الدول الأوروبية.
وبعد أن أنهى دراسته، عاد طوقان إلى الأردن ليبدأ مسيرته المهنية.
وفي عام 1994، أنشأ شركة استشارات تقنية Business Optimization Consultants (BOC) والتي قدم من خلالها المشورة للآخرين بشأن أنظمة التكنولوجيا وخدمات الإنترنت.
خلال هذه الفترة، تابع طوقان باهتمام شديد النمو السريع لاستخدام الإنترنت والبريد الإلكتروني على مستوى العالم.
ولاحظ أنه على الرغم من ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي، إلا أن هناك نقصًا في محتوى الويب العربي من الناحية الكمية والفنية والقيمة كذلك.
وكان لدى طوقان رؤية لربط العالم العربي من خلال إنشاء منصة على الإنترنت يمكنها توفير المعلومات والخدمات باللغة العربية.
حيث كان يؤمن بشدة بقدرة الإنترنت على تمكين الناس ومساعدتهم وتعليمهم وربطهم بعضهم البعض.
وشكلت هذه الرؤية اهتماماته التجارية اللاحقة ووجهت مسيرته الريادية.
وبدلًا من أن يكون مجرد مستشار، فقد صمم على بناء شركته الرائدة على شبكة الإنترنت باللغة العربية.
وبسبب الخلفية التعليمية لطوقان وتعرضه للتطورات التكنولوجية العالمية استطاع التسلح بالمعرفة اللازمة لتحويل رؤيته إلى واقع ملموس.
اقرأ أيضًا، قصة نجاح شركة زارا
رحلة سميح طوقان في عالم التكنولوجيا
وكان سميح بطل قصة نجاح ريادية قصيرة بدأت في عام 1993 بالفعل، عندما كان يعمل كمهندس برمجيات في شركة KPMG.
وخلال هذه الفترة، اكتشف الإمكانيات الهائلة للإنترنت وبدأ في تطوير نفسه بشكل أكبر في هذا المجال ليواكب ما تم الوصول إليه في الإنترنت.
ولهذا قدمت شركة BOC خدمات استشارية لمختلف الشركات في العالم العربي حول أنظمة وحلول تكنولوجيا المعلومات.
ومن خلال عمله في BOC، لاحظ طوقان أن هناك مشكلة في محتوى الإنترنت باللغة العربية على الرغم من النمو في استخدام الإنترنت في المنطقة العربية.
وأدرك أن هناك فرص كبيرة لبناء منصة على الإنترنت يمكنها تقديم محتوى عربي عالي الجودة.
وهناك فلسفات معينة شكلت رؤية طوقان للاستفادة من تكنولوجيا المعلومات، مثل الإيمان بأن التكنولوجيا يجب أن تخدم العالم العربي.
وكذلك الرغبة في سد الفجوة الرقمية بين المنطقة العربية والغرب، مع الاقتناع بأهمية المحتوى العربي على الإنترنت.
ومن خلال رحلته في هذا المجال، طور طوقان عدة مهارات؛ أهمها مهارات تحليل السوق وتحديد الفرص الاستثمارية.
وكذلك تعلم الطريقة الصحيحة لبناء وتنفيذ المشاريع التقنية، وإدارة الفرق والعمل عبر الثقافات، ثم مهارات الاتصال والتفاوض.
اكتشف، قصص نجاح عشرة مشاهير حققوا النجاح بعد ان طردوا من وظائفهم
ميلاد مكتوب
جاءت فكرة إنشاء مكتوب، بوابة البريد الإلكتروني العربية الرائدة، إلى طوقان في عام 1998.
وبحلول ذلك الوقت، كان استخدام الإنترنت والبريد الإلكتروني قد انتشر عالميًا.
ولاحظ طوقان أن المتحدثين باللغة العربية يستخدمون المواقع الإنجليزية لتلبية احتياجاتهم عبر البريد الإلكتروني على الرغم من الزيادة السريعة في عدد مستخدمي الإنترنت العرب.
وأدرك أنه لا يوجد تلبية سريعة لطلبات توفير خدمات البريد الإلكتروني باللغة العربية، ومن هذا الإدراك نتجت قصة نجاح ريادية قصيرة رائعة.
حيث فكّر طوقان في بناء منصة على الإنترنت يمكنها تلبية احتياجات التواصل في العالم العربي بلغتهم الأم.
وناقش فكرة مشروعه مع بعض الأصدقاء مثل فادي غندور؛ وهو مؤسس شركة الخدمات اللوجستية أرامكس، وحسام خوري؛ والذي كان يعمل كخبير في إدارة الأعمال.
وقاموا معًا بإنشاء مشروع تجريبي للبريد الإلكتروني باللغة العربية في عام 1998 تحت شعار “كن فخورًا بكونك عربيًا”.
وقد اختاروا اسم “Maktoob” للموقع الإلكتروني، والذي يعني “مكتوب” أو “جواب” باللغة العربية؛ وهو رمز لهدفهم المتمثل في الترويج للمحتوى العربي المكتوب عبر الإنترنت.
وتم إطلاقه في البداية كنموذج أولي، وحصل مكتوب على 5000 مستخدم.
ومع تزايد تبني هذه الفكرة، قرر طوقان وفريقه تحويلها إلى شركة رسمية مستقلة.
وضموا شركة الاستثمار الإقليمية EFG-Hermes كشريك مالي.
ومع ذلك، فقد واجهوا تحديات في تأمين التمويل وإقناع الشركات بشأن جدوى مشروعهم الرائد على الإنترنت، لكن طوقان ثابر لأنه كان يؤمن بقوة وإمكانيات فكرته.
وبحلول عام 2000، كان لدى مكتوب مليون مشترك ليصبح أول موقع عربي يتجاوز المليون مستخدم.
وركز طوقان على تحسين خدمات الموقع بسرعة مثل تقديم غرف الدردشة والمنتديات العربية وما إلى ذلك.
وكانت نقطة التحول الرئيسية في عام 2004 عندما أطلقت مكتوب حملة إعلانية كبيرة بعنوان “سجل أنا عربي” لتوحيد مستخدمي الإنترنت العرب.
كما وفرت البوابة أيضًا منصة للشركات العربية الصغيرة لتوسيع نطاق وصولها إلى الأسواق ليصل عدد مستخدمي الموقع حينها إلى 10 مليون مستخدم.
وبدأت الجهود التي بذلها طوقان للترويج لموقعه وبناء شراكات مع عمالقة التكنولوجيا، مثل Google وYahoo وAmazon، تؤتي ثمارها حيث أثبت موقع مكتوب نفسه كأفضل موقع إلكتروني عربي.
وفيما يزيد قليلًا عن عقد من الزمن، تحولت الشركة الناشئة إلى مؤسسة تجارية ناجحة بشكل كبير.
إليك أيضًا، قائمة اهم 10 رجال اعمال عصاميين في العالم
مكتوب منصة رائدة في العالم العربي
ما زلنا نروي قصة نجاح ريادية قصيرة، فقد تطور موقع مكتوب بسرعة تحت إِشراف طوقان، بعد أن كان موقع للبريد الإلكتروني بالعربية، أصبح بوابة متنوعة يعتمد عليها ملايين العرب.
ومن أهم الخدمات التي كانت تقدمها هذه المنصة الرائدة، خدمات البريد الإلكتروني والرسائل، حيث تقدم حسابات بريد إلكتروني تتمتع بواحدة من أكبر سعات التخزين على مستوى العالم.
كما قدمت خدمات المراسلة الفورية وغرف الدردشة والرسائل النصية باللغة العربية.
وكذلك تقوم البوابة بتجميع وتنظيم الأخبار العربية والترفيه ومقاطع الفيديو وخيارات التسوق عبر الإنترنت لسهولة الوصول إليها.
فيمكن للمستخدمين إنشاء مدونة ومشاركة التعليقات والمشاركة في المنتديات.
هذا واستضافت مكتوب نسخ عربية من المواقع الشهيرة مثل YouTube وAmazon وYahoo Finance للاستفادة من الشراكات الإستراتيجية.
واستفادت الشركات الصغيرة من أدوات التجارة العربية وخيارات الإعلان التي توفرها مكتوب.
وباعتبارها أول شركة إنترنت عربية تحقق نجاح تجاري على مستوى العالم، ساعدت مكتوب في سد حاجز اللغة العربية والإنجليزية في الفضاء الإلكتروني.
ووفرت القدرة على الوصول إلى وسائل الاتصال الحديثة لملايين العرب غير الناطقين باللغة الإنجليزية لأول مرة.
وكانت الواجهة بالكامل باللغة العربية بدءً من التسجيل وحتى قوائم المساعدة.
كما كان لمكتوب تأثير ثقافي كبير من خلال منح رواد الأعمال والناشرين العرب منصة إقليمية لنشر المحتوى المحلي.
اقرأ، قصة نجاح الملياردير الشيخ سليمان الراجحي
مكتوب قصة نجاح ريادية قصيرة
وبعيدًا عن خدمات البريد الإلكتروني، قام طوقان بتطوير مكتوب بشكل استراتيجي لتصبح بوابة شاملة باللغة العربية.
وركز على تنويع المحتوى وجذب الشراكات لتوسيع عروض مكتوب لمستخدمي الإنترنت العرب.
وقد جلب وسائل الترفيه العربية في وقت مبكر، بدءً من القنوات الموسيقية وحتى أخبار المشاهير والرياضة.
وعندما أصبح الفيديو عبر الإنترنت منتشرًا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قامت مكتوب بتوزيع إصدارات مدبلجة باللغة العربية من العروض الشعبية على منصة الفيديو الخاصة بها.
كما قامت البوابة بتجميع مقالات عن نمط الحياة حول الصحة والغذاء والأزياء مصممة خصيصًا للمنطقة المستهدفة لكل عميل.
وفي غضون سنوات قليلة، تمكنت مكتوب من تحويل نفسها من شركة ناشئة إلى الصوت الرئيسي للإنترنت العربي، تمامًا كما تصور طوقان.
اطّلع على، قصة نجاح كارل بنز “مخترع السيارة”
صفقة ياهو
واستكمالًا لحديثنا عن قصة نجاح ريادية قصيرة، وبحلول عام 2009، وصل عدد المستخدمين إلى 16 مليون مستخدم.
وللاستفادة من مجموعات أكبر من التمويل للتوسع، نظر مجلس إدارة مكتوب في عروض الاستحواذ من عمالقة التكنولوجيا العالمية.
وبعد الكثير من التقييم، اختاروا عرض ياهو بقيمة 164 مليون دولار في عام 2009 لأنه سمح لمكتوب بالاحتفاظ بالاستقلالية مع الاستفادة من موارد ياهو.
كما بنى طوقان علاقة مع مؤسسي ياهو خلال فترة عمله في وادي السيليكون.
وقدرت الصفقة شركة مكتوب البالغة من العمر 10 سنوات بقيمة أعلى من العديد من شركات الدوت كوم الغربية في تلك الحقبة.
اقرأ أيضًا، ١٠ شركات نجحت بعد ان واجهت الفشل
ملخص
من خلال قصة نجاح ريادية قصيرة لشاب عربي، لقد تعرفنا على قصة سميح طوقان صاحب ومؤسس منصة مكتوب الإلكترونية التي كانت طفرة في عصرها.
4 تعليقات
قصة جميلة ومؤثرة ويجب للجميع ان يأخذ منها العبرة والحكمة ,
تعلمنا الكثير من هذه القصه وان ياخذ الجميع الحكمه والنجاح في هذا المجال
بالتوفيق لك وللجميع
مالكووو