هاجر جون هاينز وزوجتة من المانيا الى ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة الامريكية بحثاً عن حياة افضل، وهناك انجبا 8 ابناء وكان اولهم هو هنري هاينز وهو الذي ولد في عام 1844 وبالتحديد في في شهر اكتوبر/ تشرين الاول، عمل هنري هاينز في صغرة على مساعدة والدتة في طحن الحبوب والتوابل وكان يقوم بهذا العمل في بدروم المنزل الخاص بهم، وفي تلك الايام كانت لديهم حديقة منزلية مزروعة بناب الكرنب والفول وكانت والدتة بإنتقاء الخضروات الصالحة من الحديقة وتعمل على تجهيزها وتخليلها وكانت تقوم بهذا العمل في بدروم المنزل ايضاً ولكن هنري الصغير لم يكن يساعدها في هذا العمل بل كان يجلس معها ويراقبها وهي تعمل بغرض التعلم منها.
محتويات المقال
التعلم والنجاح في الصغر:
مع الوقت لم يعد دور هنري هاينز يقتصر على طحن التوابل بل ساعد والداتة في عمليات زراعة الخضروات واقتنائها وتنظيفها وتخليلها، بل وتمكن من صناعة خلطة اعشاب خاصة بة وهي خلطة يتم اضافتها على المخلالات لإعطائها نكهة مميزة، كذلك عمل هنري هاينز على بيع المنتجات التى كان يصنعها برفقة والدتة فكان يقوم بوضع المنتجات على ظهر عربتة الخشبية التى يجرها الخيل ومن ثم يتجول في المدينة ويبيع للاهالى والسكان. عندما بلغ هنري هاينز الـ 10 سنوات كان مسؤلاً عن رعاية حقل خضروات تقدر مساحتة بـ 3/4 فدان، وعندما وصل الى سن الثانية عشر اصبح مسؤل عن حقل خضروات كبير تقدر مساحتة بحوالى 3.5 فدان، ولأهمية الصغير هنري هاينز فقد تم تخصيص عربة وحصان لة ليقوم ببيع منتجاتة عليها، ويذكر انة عندما بلغ السابعة عشر من العمر كان يحقق ارباح سنوية تصل الى 2400 دولار امريكي وهذا الرقم كان كبير جداً في ذاك الزمان.
كان والدي هنري هاينز يرغبان في ان يكون ابنهما واعظا في الكنيسة ولكنة لم يكن يرغب في ذلك، فهو يعشق الصناعة والتجارة ولذا قرر ان يلتحق بكلية الاعمال وفي الليل كان يعمل كاتباً للحسابات في مصنع والدة المخصص لصناعة الطوب، واثناء ذلك كان يراقب وضع السوق من حولة ووجد ان هناك رواج كبير في مجال تعبئة وتغليف الاطعمة المعدة مسبقاً وقرر ان يستثمر اموالة التى استطاع ان يدخرها من بيع المخلالات والعمل لدي والدة في هذا المجال.
تجربة شركة هاينز نوبل:
في عام 1869 عندما كان يبلغ هنري هاينز من العمر 25 عاماً قرر ان يشارك احد اصدقائة وهو كلارنس نوبل في مشروعة الجديد والذي كانت تقوم فكرتة علي اساس تعبئة الفجل وانواع اخري من الخضروات في زجاجات وبيعها للعملاء، وتمكنا سوياً من تحقيق الكثير من النجاحات حيث يملكان ما يكفي من الخبرات والقدرات التى تؤهلهم لبيع منتجاتهم والجدير بالذكر ان هنري هاينز قد تزوج في نفس العام الذي اسس فية الشركة.
استمرت النجاحات وتوالت الارباح ولكن في عام 1875 اى بعد 6 سنوات من التأسيس حدث ما لم يتوقعة احد، فقد بدأت اسعار الفجل في الانهيار واصبح الطلب على الفجل المعلب شبة معندم وهو ما أثر على مبيعات الشركة بشكل مباشر، ولكي يحل هنري وشريكة هذة المشكلة قررا ان يتوجها لطلب المساعدة من محلات بيع المواد العذائية وعملائهم الكبار ولكنهم لم يقدموا لة المساعدة مما اضطرهم الى اعلان افلاس الشركة، ويذكر حينها ان هنري هاينز قد افلس تماماً ولم يعد يمتلك امولاً للانفاق على اسرتة ولكنة في المقابل تعلم ان لا يعتمد على احد لكي يستمر مشروعة في الاستمرار.
هنري هاينز لا يستلم للفشل:
لم يستسلم هنري هاينز للفشل بل قرر ان ينهض ويدخل في تجربة جديدة، وبالفعل بدء في مراقبة السوق مرة اخري واكتشف ان الطلب على الكاتشب وصلصة الطماطم كبير وفي نفس الوقت وجد ان حجم العرض ضعيف، وهذا ما دعاة الى التواصل مع اخية واحد اقربائة لعرض الفكرة عليهما وبالفعل تمكن من اقناعهما بمشاركتة وقاموا بإنشاء شركة متخصصة في صناعة وتجارة الكاتشب وصلصلة الطماطم تحت مسمي اف آند جي هاينز.
تمكنت منتجات شركة اف آند جي هاينز من اكتساح السوق، ولم لا وهي قائمة على اساس سليم، والنجاح الكبير هذا دعا هنري هاينز الى التواصل مع شريكية ولكن هذة المرة ليعرض عليهم شراء حصتيهما في الشركة وبالفعل تمكن من اقناعهما بالبيع ودفع لهم في مقابل التنازل عن حصتيهما وبالتالى اصبحت الشركة بالكامل ملك لة وكان ذلك في عام 1888، بعد ذلك عمل هنري هاينز على تغيير اسم الشركة واسماها اتش جية هاينز (اتش تعنى اول حرف من هنري، جية تعنى اول حرف من جون وهو اباة)، كذلك عمل على انشاء خطوط انتاج اضافية ولذلك ليقدم منتجات جديدة الى الاسواق (الخل، الصوص الحار، البصل المخلل، شوربة الطماطم وغيرهم).
اقرأ ايضاً قصة نجاح دونالد ترامب “ملك العقارات”
كسب العملاء والحفاظ عليهم:
كانت الاطعمة المعلبة في ذلك الوقت شئ جديد ولم يعتد علية الناس من قبل، وكانوا يخشون من تلوث هذا الطعام او ردائة جودة، فهم في النهاية لا يرون الا المنتج النهائي ولكنهم لم يعرفوا كيف تم انتاجة وما هي المواد التى استخدمت في عمليات الانتاج، ادرك هنري هاينز هذة المشكلات التى من شأنها ان تؤدي الى خسارة العملاء مع الوقت، وفكر في كيفية حلها للحفاظ على العملاء الحاليين وليتمكن ايضاً من كسب عملاء جدد، وفي هذا الشأن فقد قام بالحفاظ على عنصر النظافة في مصانعة واعتمدت على مواد خام ذات جودة عالية وقام بتعبئة منتجاتة في زجاجات شفافة ليتمكن الزبائن من مشاهدة الكمية المتواجدة بها وكان السائد في ذلك الوقت هو تعبئة المنتجات في زجاجات داكنة، كذلك رحب هنري هاينز بأى تفتيش حكومي على مصانعة في اى وقت وجميع تلك العوامل ادت الى زيادة الطمأنينة في نفوس العملاء وهذا ما ادي الى رضاهم واقبالهم على شراء منتجات الشركة.
الخوف من تكرار الفشل:
اصبحت الشركة تحقق نجاحات باهرة ولكن اغلب منتجاتة كانت قائمة على الطماطم كمادة خام اساسية وكان هنري هاينز يخشي ان يحدث اى انهيار في الاسعار مما سيؤدي الى افلاس شركتة كما حدث في تجربتة الاولي، وعلى ذلك قرر تقديم منتجات مصنوعة من مواد خام اخري الى الاسواق مثل المربي والجيلي وسائل الخل وغيرهم من المنتجات وبالتالى اذا ما حدث اى هبوط وتأثرت المنتجات المصنوعة من الطماطم فإن المنتجات الاخري ستظل متواجدة في السوق وستباع الى ان يتحسن الوضع.
السفر الى المانيا:
ذهب هنري هاينز في رحلة الى المانيا وهناك ذهب في زيارات الى المصانع المختلفة ووجد انهم يعتمدون على طريقة جديدة وناجحة في الادارة، وكانت هذة الطريقة تقوم على اساس تقرب الملام والمدراء من الموظفين والعاملين ولذلك لتحفيزهم ومنحهم الشعور بألاهمية وبالتالى ينتجون اكثر ويحبون العمل وهو ما يعود بالنفع على تلك المصانع التى تدار بتلك الطريقة. اعجب هنري هاينز بهذة الطريقة المبتكرة وقرر ان يطبقها في شركتة، فعندما عاد الى الولايات المتحدة طبق سياسة التقارب بين المدراء والعاملين وبالتالى اصبح من السهل على العامل البسيط ان يتواصل مع المدير ويحكي لة عن مشاكلة او طلباتة، كذلك تم توفير تأمين صحي بالمجان لكل العاملين بالشركة كما تم توفير حمامات سباحة ومساحات لممارسة انواع الرياضة المختلفة بالاضافة الى مراكز للتدريب ومكتبات، وهذة الطريقة في الادارة ادت الى كسب رضا وولاء العاملين وكيفي القول بأنة لم يحدث اى اضراب او توقف عن العمل في مصانع هنري هاينز.
الاستفادة من رحلة المانيا لم تتوقف عند هذا الحد، فهي جعلت هاينز يدرك ان منتجاتة ليست منتجاتة ليست مطلوبة في الولايات المتحدة فقط بل مطلوبة في المانيا ودول اخري عديدة وهذا ما دعاة للتفكير في تصدير منتجاتة الى الدول المختلفة وبعد 10 سنوات من هذة الزيارة قرر ان ينشأ اول مصنع خارج الولايات المتحدة وكان في بريطانيا.
اقرأ ايضاً قصة نجاح ايلون ماسك (الرجل الحديدي)
طرق تسويقية من ابتكار هنري هاينز:
- قرر ان يركز على جودة المنتجات بدلاً من ان يعرض اعلانات مضللةقد تدمر سمعتة كما حدث مع الكثيرين من قبل.
- اكتشف مدي انشغال الموظفين وعدم تفرغهم لاعداد الوصفات المختلفة فبدء في الترويج لمنتجاتة على انها ستوفر عليهم الوقت كما ان مذاقها رائع بالاضافة الى انها مصنوعة من منتجات طبيعية ولا تحتوي على اى اضافات.
- وضع شعار 57 على جميع منتجاتة المقدمة الى السوق وذلك لأنة كان قريب من عدد المنتجات التى يقدمها الى الاسواق، وحتى بعدما زادات اعداد المنتجات لم يغير الرقم وذلك لأنة كان يعتبر ان الرقم 5 هو رقم حظة وكانت زوجتة تعتبر ان الرقم 7 هو رقم حظها.
حملات اعلانية غيرت العالم:
1- شاركت شركة هنري هاينز في احد المعارض المقامة في شيكاغو، وجينها قام بتوزيع دبابيس تحمل شكل الخيارة ومحفور عليها اسم HEINZ، والجدير بالذكر ان هذة الدبابيس كانت تعتبر شئ مبتكر حينها واقبل الكثير من الناس على ارتدائة على ملابسهم لفترات طويلة وهو ما كان يعتبر دعاية للشركة، يذكر ان هذة الدبابيس تباع حالياً كتحف وبأسعار مرتفعة جدا.
2- في الحي الخامس في نيويورك وهو احد الاحياء الراقية حالياً قام هنري هاينز بعمل اعلان عن شركتة ولكن بطريقة مبتكرة وغير مسبوقة، حيث قام بتركيب 1200 مصباح على مساحة تفوق الـ 6 طوابق وامام هذة المصابيح قام بوضع صور للعاملين وهم يعملون بالمصنع وفوقها العلامة التجارية للشركة ليصبح بذلك اول اعلان مضاء، والجدير بالذكر ان تكلفة اضاءة الاعلان كانت تصل الى 90 دولار في اليوم الواحد وهذا بالطبع مبلغ كبير ولكن هذة الطريقة كانت ناجحة ومؤثرة وهذا ما دعا هنري هاينز الى اعلانات مشابهة في اماكن متفرقة.
3- قام هنري هاينز بتنظم رحلات لعامة الناس الى مصانعة ليشاهدوا عمليات الانتاج بأنفسهم ويتأكدوا من ان المصنع يقدم منتجات نظيفة وذات جودة عالية، وطبعاً هاينز كان يعرف ان هؤلاء الناس سيتحدثون مع اصدقائهم وذويهم عن تلك الرحلة وعن مدي نظافة المصنع وجودة منتجاتة وبناء علية سيكسب الكثير من العملاء الاضافيين، الجدير بالذكر ان هنري هاينز هو اول من قام بتنظيم رحلات الى مصانعة واقتبس الكثير من اصحاب المصانع هذة الطريقة منة لمدى نجاحها وتأثيرها.
وفاة هنري هاينز:
مات هنري هاينز عام 1919 وهو يبلغ من العمر 74 عاماً وترك ورائة 25 مصنع و40 فدان مزروعة بأنواع الخضروات المختلفة. بعد وفاتة توالى ابنة هاورد مسؤلية الادارة ولكنة لم يرث الاموال والمصانع فقط من والدة بل ورث المهارات الادارية والتسويقية ايضاً واستطاع ان يحافظ على الكيان بل وتمكن من احداث بعض التوسعات وقدم بعض المنتجات الاضافية الى قائمة المنتجات التى تقدمها الشركة.