التجارة الناجحة قد تكون هدف او رغبة وربما حلم بالنسبة للكثير من الناس، ولكن الخوف من الفشل ربما يكون العائق الاكبر امامهم، لذا نرى في حياتنا اشخاصًا يملكون الافكار والاموال ولكنهم لم يخطوا خطوة واحدة نحو الاستثمار. على جانب اخر نجد اشخاص لا يملكون الكثير من الاموال ولا الموارد ولكنهم يتحلون بالثقة ويبدؤون في الاستثمار وهؤلاء يعمل لديهم الفئة الاولى كموظفين على الرغم من انهم ليسوا اكثر منهم ثراءً او ذكاءً، فقط هم اكثر منهم ثقة. فالثقة هى السبيل الوحيد لكونهم من اصحاب التجارة الناجحة . اليك بعض التجارب المثيرة التي يمكنك ان تستخلص منها الكثير من الاسرار والدروس المفيدة.
محتويات المقال
التجارة الناجحة في ابسط صورها :-
١- سائق الليموزين :-
انتقل كريستيان جورجيه من رومانيا “بلده الام” الى امريكا ولم يكن في جيبه سوى ٢٦ دولار كما ان لغته الانجليزية كانت ضعيفة، لذلك كانت فرصته في الحصول على وظيفة جيدة ضعيفة للغاية مما اضطره للعمل كسائق ليموزين براتب ضئيل يكاد يكفيه لسداد فواتيره.
في يوم كا كان يقل شخص يعمل كمدير لشركة استشارات متعلقة بالحواسيب من مكان لأخر ودار بينهم الحديث حول البرمجيات واكتشف هذا الرجل ان كريستيان يمتلك الكثير من المعلومات والخبرات حول هذا المجال، فطلب منه ان يذهب الى مكتبه في صباح اليوم التالي واسفر عن ذلك اللقاء تأسيس شركة برمجيات وتم تعيين كريستيان كرئيس لقسم التقنية في تلك الشركة الى بيعت لاحقًا.
تحسنت ظروف كريستيان المالية كثيرًا لذا قرر الاستثمار في مجال البرمجيات بشكل شخصي، فعمل على تأسيس شركة اسماها Tian وتم دمجها مع شركة اخرى تسمى outlooksoft ونتج عن هذا التحالف شركة متميزة في مجال تحليل البيانات، وفي النهاية قامت شركة SAP بشرائها بمبلغ ٥٠٠ مليون دولار.
لم ينتهى كريستان جورجيه عند هذا الحد، بل قرر انشاء شركة اخرى اسماها Tidemark وتمكن من تحقيق نجاحات كبيرة في سوق تحليلات الاعمال، فحققت ارباح متوسطة تصل الى ٤٥٪ مع زيادة سنوية تقدر بـ ٣٠٠٪ سنويًا.
من تجربة كريستيان جورجيه نتكشف ان الفرصة قد تأتي في اسوء الظروف ولكن اقتناصها والتمسك بها امر غاية في الاهمية، والاصرار على الاستمرار في الاستثمار يعد اهم القرارت الجرئية الواجب اتخاذها. التجارة الناحجة تتطلب حسن استغلال الفرص واتخاذ قرارات جريئة.
٢- تاجر الاحذية :-
ذهب “نيك سوينمورن” الى احد المولات في اواخر تسعينات القرن الماضي من اجل شراء حذاء جديد ولكنه لم يجد حذاء مناسب على الرغم من كثرة المحلات التجارية المتخصصة في بيع الاحذية والملابس، في النهاية وبعد كثير من البحث وجد حذاء مناسب ولكنه لم يجد المقاس الخاص به مما جعله يشعر بالاحباط وبدء يتسآل، لماذا لا يتم عرض الاحذية على الانترنت بحيث يمكن للزبائن ان يختاروا الاحذية المناسبة ويحددوا مقاساتهم وهم في منازلهم عوضًا عن التجول في المولات والمتاجر لساعات طويلة دون جدوى.
تحول السؤال الى فكرة مشروع، فقرر “نيك سوينمورن” ان ينفذ الفكرة ولأنها تحتاج الى كثير من التفاصيل قرر ان يشرك معه صديقه “توني شاي” وسويًا اطلقا متجر Shoesite.com لبيع الاحذية بالاضافة الى الملابس الرياضية، ولاحقًا تم تغيير الاسم ليصبح Zappos.com والتي تعني كلة احذية باللغة الاسبانية.
بدء المتجر في تحقيق ارباح غير متوقعة، فبعد عام واحد فقط حقق الشريكين ارباح تجاوزن ١.٥ مليون دولار، واستمرت الشركة واحدة من اكبر الشركات الالكترونية على مدار ١٠ سنوات كاملة. وفي عام ٢٠٠٩ قامت شركة امازون بشراء المتجر بصفقة قدرت بمبلغ مليار و ٢٠٠ مليون دولار.
من التجربة السابقة نكتشف ان التجارة الناجحة تقوم على اساس توفير احتياجات الناس بالشكل الذي يفوق توقعاتهم. طبعًا انتشرت المتاجر الالكترونية وكن الافكار كثيرة واحتياجات الناس اكثر.
٣- موقع تقييم الفنانات !!
في اواخر ثمانينات القرن الماضي قام مجموعة من المراهقين الامريكيين بإنشاء منتدى الكتروني اطلقوا عليه اسم Those Eyes بهدف عرض صور العيون الساحرة لفنانات هوليوود، ولكن بمرور الوقت اتجه المراهقين الى الكتابة حول مواضيع سينمائية اكثر تعمقًا مثل تقييم الافلام ونقدها والاقتباس منها والتصويت عليها، وهذا ما احدث استجابة كبيرة لدى المهتمين بالسنيما.
في بداية التسعينات قرر الشباب تغيير اسم الموقع ليصبح (IMDB = Internet Movie Database) حيث اصبح اكثر قيمة، فهو الآن يعرض الآف التقيمات والمعلومات حول الافلام والفنانيين وليس فقط صور عيون الفنانات الساحرة. بقدوم عام ١٩٩٦ تم تحويل الموقع الى شركة رسمية.
بعد سنوات قليلة استحوذت شركة امازون على شركة IMDB بصفقة لم يعلن عنها حتى الآن وهو ما سمح للموقع ان يزداد شهرة ليصبح اكبر موقع مختص بمجال تقييم الافلام على مستوى العالم.
من تجربة هؤلاء المراهقين نستنتج ان المشاريع ليس شرطًا ان تكون افكار جدية تقوم علي تقديم منتجات محددة، بل يمكن ان تكون افكار غاية في البساطة لدرجة ان يعتبرها الناس افكار تافهة، الاهم الايمان بالفكرة وتنفيذها بشكل لائق وتغيير الواقع الى واقع افضل.
٤- بائعي الايس كريم :-
حاول بين كوين ان يجتهد في دراسته ولكنه لم ينجح وترك الدراسة، كذلك حاول جيري جرينفيلد ان يتلحق بكلية الطب ولكنه فشل في ذلك، اتفق الصديقان بعد فترة ان يدخلا سويًا في شراكة تجارية كوسلية ليحققا الربح، ظلا يبحثان عن فكرة مشروع مناسبة واستقرا في النهاية علي صناعة وبيع الايس كريم.
الغريب في الامر انهما لما يمتلكا ادنى فكرة عن كيفية صناعة الايس كريم، فالتحقا بدورة تدريبية كلفتهما ٥ دولارات فقط تعلما من خلالها مبادئ صناعة الايس كريم.
بعد الانتهاء من الدورة قرر الصديقان ان ينتجا الايس كريم من المنزل وبعد فترة قصيرة افتتحا اول متجر لهما، اطلقا عليه اسم “بين أند جيريز” وهو الاسم الاول لكل منهما، بعد ١٠ سنوات فقط من العمل تمكنت الشركة من تحقيق ايرادات بلغت ٣٠ مليون دولار في العام، وتم افتتحاح العديد من الفروح لها في انحاء امريكا.
في بداية الالفية قام الصديقان ببيع الشركة لشركة يونيلفر بصفقة بلغت 326 مليون دولار مع الابقاء على اسمها “بين أند جيريز” كعلامة تجارية تمكنت من تحقيق نجاحات طائلة.
من التجربة السابقة نكتشف ان التجارة النجاحة لا تسدعي وجود اشخاص اكفاء على المستوى العلمي او اشخاص لديهم الكثير من الاموال لانفاقها على التدريب والتنفيذ. التجارة الناجحة يمكن ان تكون في صورة ابسط من ذلك بكثر.
الخلاصة :-
من التجارب السابقة نستنتج ان التجارة الناجحة لا تشترط وجود رأس مال ضخم او شهادات علمية معينة او خبرات عملية او حتى سن معين، بل التجارة الناجحة تحتاج الى اشخاص لديهم افكار وان كانت غاية في البساطة ولديهم ثقة في قدراتهم على النجاح، دون اهمال جزئية التخطيط الجيد والتنفيذ المتميز.
تعليقان
شكرا لك على هذه المواضيع القيمة والجميلة أستاذ صابر???
الشكر لله وحده