الاستثمار في الفن ليست مجرد فكرة جالت ببالك فبدأت بتنفيذها للتو، فالأمر أكثر تعقيدًا مما يبدو عليه، ويتطلب الكثير والكثير من الخبرة والصبر ومجاراة السوق وأذواق المجتمع، وما يتطلبه الجو العام. فعليك أن تقوم بتطوير حدسك الفني لتستطيع تذوق الجمال الحقيقي الذي يتركه رؤية عمل فني في النفس، وأن لا تكون مجرد تجارة لتستطيع الوصول إلى ما يتطلبه العملاء، وما هو نوع العمل الفني المتناسب مع أذواقهم. ويجب أن تقوم بتقدير الأسعار بالسوق المحيطة قبل البيع والشراء.
الاستثمار في الفن له أصول وقواعد، أولها ماهي أنواع الفنون التي ستقوم بالاستثمار فيها؟ سواء كانت لوحات، صور فوتوغرافية، مخطوطات زخرفية يدوية، أم روايات وكتب شعرية؟ لذلك فالخبرة عامل هام جدًا في بدء مشروع الاستثمار في الفن.
محتويات المقال
ماهي الأسس التي يجب على أساسها اختيار نوع معين من أنواع الفنون أو كلها؟
يجب أن يكون لديك خبرة في السوق الذي ستعمل به، فمثلًا عليك أن تقوم برؤية الكثير من اللوحات والصور والمجسمات بزيارتك إلى مختلف المعارض ومراقبة إنجذاب الأشخاص اتجاه شكل معين من الفن، أو نوع معين يستطيع شكل معين من الفن إيصال معناه، ومتابعة سوق الروايات ومعرفة الروايات الأكثر مبيعًا وتقيمها على مواقع التواصل الإجتماعي، أو الموقع الخاص بالكتب Goodreads لمعرفة ما يتناسب مع المجتمع اليوم.
فالفن بحر لا شطآن له، وما إن تقوم بالغوص في منطقة حتى تشعر أنك تغرق في البحر بأكمله، يجب أن تقوم بدراسة المدارس الفنية المختلفة وأساليب الفنانين، وما السر وراء إنجذاب الناس لنوع معين من الفن أو الفنانين، على سبيل المثال لو ضربنا مثل على الفنان فينست فان كوخ الراحل العظيم يستطيع أن يجذب محبي الفنون ليومنا هذا بسبب أن رسوماته تعبر عن معاناة الانسان، ولكل منا معاناة خاصة، بينما مثلًا الكتب الأكثر مبيعًا في وقت من الأوقات كانت هيبتا لأنها رواية استطاع كاتبها الغوض في بحر العلاقات الإنسانية وتوضيحها بشكل مبسط..إلخ، وهذا يوضح أن لكل فترة عملها المناسب لها. ومع كثرة الرؤية والبحث وتمرين العينين ستكتسب قدرة التفرقة بين الأعمال الفنية الجيدة والمتوسطة والرديئة بمجرد النظرة، ومعرفة شريحة الأشخاص الذي سوف يجذبهم هذا النوع من الفن. وبعد التشبع والحصول على الخبرة الكافية، يمكنك البدء بشراء السلع التي سوف تقوم باستثمارها فمن الممكن أثناء بحثك وذهابك لمختلف معارض اللوحات والصور الفوتوغرافية، يمكنك شراء لوحات بأسعار معينة وبيعها بأسعار أخرى، وكذلك الصور الفوتوغرافية يمكن شرائها من مصوريها وبيعها، أو التعامل مع أحد الفنانين الذين يقومون بصناعة المخطوطات الزخرفية اليدوية وشرائها وبيعها، أو صناعة مجسمات بأشكال معينة، وأيضًا من الممكن البحث عن كاتب في مقتبل مشواره الفني والاتفاق معه على طباعة روايته مثلًا مقابل نسبة من الربح. ولكن يجب أن يكون هؤلاء الفنانين على قدر من الشهرة لوضع ثقة الناس في السلعة التي يودون شرائها، فأحدًا لن يجازف في دفع المال إن لم يكونوا على ثقة تامة بالمصدر.
معرفة الأوقات المناسبة لاستثمار أنواع معينة من الفنون عن غيرها:
قد تكتسب لوحة فنية ما، صورة، مجسم، أو رواية ما أهميتها وشهرتها في وقتها بسبب ارتباطها مع حدث معين وفاة الفنان الذي قام برسمها/تصويرها/صنعها/أو كتابتها، ولكن عند ظهور شئ جديد في عالم الفن يستحوذ على أفكار الناس بشكل عميق فيولون إهتمامهم اتجاهه، وتلك أكثر الأوقات تكون فيها الأعمال الفنية في ذروة طلبها.
شراء السلع والبدء في استثمارها:
قد تكون الروايات والصور الفوتوغرافية الأكثر أمانًا في بدء الاستثمار في الفن، حيث إن كان الإقبال على اللوحات ٣٠٪من الأشخاص فالروايات والصور الفوتوغرافية يشكلون نحو ٦٠٪ من إقبال الأشخاص. يجب عليك أثناء القيام بشراء السلع التي سوف تقوم باستثمارها معرفة قيمتها الحقيقية وهل يساوي هذا العمل المبلغ الذي ستدفعه؟ وهل تستطيع جني المال منه بعد ذلك؟ لذلك فيجب عليك أن تفكر جيدًا وأن تضع في الإعتبار كل الظروف التي من الممكن أن تحدث، والعوامل المؤثرة على سوق الفنون.
وفي النهاية الأمر لا يتطلب سوى الذكاء وسرعة البديهة لمعرفة كيفية التعامل مع المواقف المختلفة.