الاستثمار في الطاقات المتجددة هو من أهم ما يبحث عنه رجال الأعمال في السنوات الأخيرة، وهذا بسبب الحرص الشديد من الدول لتطوير حلول بديلة للنفط والبترول ومشتقاتها.
فمن المعروف أن الوقود الحفري باهظ الثمن، وتكلفة نقله وتكريره واستخراج المشتقات منه مرتفعة جدًا، وكذلك أضراره على البيئة كثيرة.
وفي هذه المقالة، سأضع بين يديك دليل لفهم كل المعلومات الهامة حول الاستثمار في الطاقة المتجددة، وأنواعه وطرقه.
محتويات المقال
تعريف الطاقة المتجددة
وقبل أن نبدأ في الاطلاع على الاستثمار في الطاقات المتجددة، تعالى نرى ما هي الطاقة المتجددة؛ فيتم تعريفها على أنها الطاقة المستمدة من مصادر طبيعية ودائمة.
على عكس الوقود الأحفوري، الذي هو محدود ويستغرق ملايين السنين للتكوين، فإن مصادر الطاقة المتجددة متاحة باستمرار ويمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى.
حيث يتم استغلال المصادر الطبيعية وتحويلها إلى طاقة غير مضرة بالبيئة وغير قابلة للانتهاء، وبالتالي الحد من الاعتماد على البترول والغاز الطبيعي.
ولذلك تعد هذه المصادر ممتازة للحصول على طاقة نظيفة دائمة وغير مكلفة.
مصادر الطاقة المتجددة
هذا وتشمل الأنواع الرئيسية لمصادر الطاقة المتجددة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الحيوية.
وللحصول على الطاقة من الشمس، يتم الاعتماد على الخلايا الكهروضوئية، والتي توجد عادةً على شكل ألواح بأحجام مختلفة.
فضوء الشمس كثير جدًا ولا ينتهي أبدًا طالما أن الشمس تشرق كل يوم.
ويمكن تركيب أنظمة الطاقة الشمسية على أسطح المنازل، أو في مزارع شمسية، أو دمجها في مواد البناء، مما يجعلها متعددة الاستخدامات وقابلة للتطوير.
بالإضافة إلى ذلك، جعلت التطورات في التكنولوجيا الألواح الشمسية أكثر كفاءة وبأسعار معقولة، مما ساهم في اعتمادها على نطاق واسع.
وللحصول على الطاقة من الرياح، يتم الاعتماد على التوربينات، ولهذا يتم تركيب توربينات الرياح في المواقع التي تحدث فيها رياح قوية وبشكل متكرر أو ثابت.
فعند البحث تجد أنها تتواجد في المناطق الساحلية والسهول المفتوحة أو الصحراء الواسعة، وعندما تدير الرياح ريش التوربين يتم تحويل الطاقة الحركية إلى كهربائية.
وتعد طاقة الرياح من أسرع مصادر الطاقة المتجددة من ناحية النمو، بسبب كفاءتها العالية وانخفاض تكاليف تصنيع التوربينات.
والطاقة الكهرومائية تولد الكهرباء من خلال استخدام طاقة المياه المتدفقة أو الساقطة.
وعادةً ما يتم استخدام السدود والأنهار لخلق تدفق متحكم فيه من المياه يعمل على تشغيل التوربينات.
والطاقة الكهرومائية هي واحدة من أقدم وأعرق أشكال الطاقة المتجددة ويمكن أن تنتج كميات كبيرة من الكهرباء.
ومع ذلك، فإن بناء السدود يمكن أن يكون له آثار بيئية واجتماعية كبيرة، لذلك يتطلب الأمر تخطيطًا وإدارة دقيقة.
والطاقة الحرارية الأرضية هي التي يتم الحصول عليها من الحرارة الطبيعية لنواة الأرض.
ويمكن تسخير هذه الطاقة عن طريق الاستفادة من خزانات المياه الساخنة أو البخار تحت سطح الأرض.
وتقوم محطات الطاقة الحرارية الأرضية بتحويل هذه الحرارة إلى كهرباء.
وهي موثوقة، ويمكن أن توفر إمدادات ثابتة من الطاقة على عكس بعض المصادر المتجددة الأخرى التي تعتمد على الظروف الجوية.
وأخيرًا تأتي الطاقة الحيوية من المواد العضوية، مثل النباتات والمخلفات الزراعية والنفايات الحيوانية.
ويتم حرق هذه المواد أو معالجتها لإنتاج الكهرباء أو الحرارة أو الوقود الحيوي.
ويمكن أن تساعد هذه الطاقة في تقليل النفايات، وتعتبر محايدة الكربون، حيث يتم تعويض ثاني أكسيد الكربون المنطلق أثناء الاحتراق بثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه النباتات.
أهمية الاستثمار في الطاقات المتجددة
ثم يعتبر الاستثمار في الطاقة المتجددة أمرًا بالغ الأهمية لعدة أسباب، حيث أنك تقدم خدمة وفائدة للبيئة والاقتصاد والمجتمع في نفس الوقت.
فتوفر مصادر الطاقة المتجددة بدائل نظيفة للوقود الحفري، وهو مورد محدود يساهم بشكل كبير في التلوث البيئي وتغير المناخ.
فمن خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة، يمكننا تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، التي تعد أساس مشكلة الانحباس الحراري.
وبالتالي أنت تحمي البيئة من آثار تغير المناخ، والتي قد تكوّن ظواهر جوية غريبة أو ارتفاع مستوى سطح البحر وفقدان التنوع البيولوجي.
ومن الناحية الاقتصادية، فإن الاستثمار في الطاقة المتجددة يعزز الابتكار ويخلق فرص عمل ويحفز النمو الاقتصادي.
فقطاع الطاقة المتجددة يوفر مجموعة من الوظائف والفرص بداية من التصنيع والتركيب إلى الصيانة والبحث والتطوير.
وهذا ما يعمل على تقوية الاقتصاد المحلي ويقلل من معدلات البطالة.
بالإضافة إلى ذلك، مع تقدم التكنولوجيا قل حجم رأس المال المطلوب، وبالتالي تستمر تكلفة الطاقة المتجددة في الانخفاض، مما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة مع الوقود الأحفوري التقليدي.
وهذا التخفيض في التكلفة يجعل الطاقة المتجددة أكثر سهولة وبأسعار معقولة للمستهلكين والشركات على حد سواء.
وكذلك يعزز الاستثمار في الطاقة المتجددة أمن الطاقة واستقلالها، حيث تعتمد العديد من البلدان بشكل كبير على الوقود الحفري المستورد، وهو مرتفع التكلفة.
فمن خلال تطوير موارد الطاقة المتجددة المحلية، يمكن للدول تقليل اعتمادها على الوقود المستورد، مما يضمن إمدادات طاقة مستقرة وآمنة.
كما يقلل استخدام الطاقة المتجددة من تلوث الهواء والماء، وهما من المساهمين الرئيسيين في المشاكل الصحية مثل أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية.
فتؤدي مصادر الطاقة النظيفة إلى تحسين الصحة العامة وخفض تكاليف الرعاية الصحية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لمشاريع الطاقة المتجددة توفير الكهرباء للمناطق النائية والمحرومة، مما يحسن نوعية الحياة والفرص الاقتصادية لتلك المجتمعات.
طرق الاستثمار في الطاقة المتجددة
ويمكنك الاستثمار في الطاقات المتجددة بطرق مختلفة، أولها الاستثمار المباشر في مشاريع الطاقة المتجددة، مثل مزارع الرياح أو محطات الطاقة الشمسية أو منشآت الطاقة الكهرومائية.
فمن خلال توفير رأس المال لهذه المشاريع، يمكنك دعم تطوير وتوسيع البنية التحتية للطاقة المتجددة مع إمكانية الحصول على عوائد من الطاقة المولدة.
وهناك طريقة أخرى للاستثمار في الطاقة المتجددة هي عن طريق شراء الأسهم أو السندات للشركات العاملة في قطاع الطاقة المتجددة.
وقد تتخصص هذه الشركات في تصنيع معدات الطاقة المتجددة، أو تطوير تقنيات جديدة، أو تشغيل منشآت الطاقة المتجددة.
ويمكن أن يوفر الاستثمار في هذه الشركات عوائد مالية مع المساهمة في نمو صناعة الطاقة المتجددة.
بالإضافة إلى ذلك، تركز العديد من صناديق الاستثمار المشتركة وصناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) على الطاقة المتجددة، مما يوفر محفظة متنوعة من الاستثمارات في هذا القطاع.
فرص الاستثمار في الطاقات المتجددة
هذا وتتنوع فرص الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، فمثلًا الاستثمار في شركات الطاقة المتجددة القائمة أو تأسيس شركة جديدة فرصة ممتازة جدًا.
وهناك فرصة استثمارية كبيرة أخرى تكمن في مجال مشاريع البنية التحتية للطاقة المتجددة، مثل مزارع الطاقة الشمسية ومزارع الرياح والسدود الكهرومائية.
فيمكن للمستثمرين المشاركة من خلال توفير رأس المال لبناء وتشغيل هذه المرافق، وغالبًا من خلال استثمارات مباشرة أو شراكات مع مطوري الطاقة.
وعادةً ما تقدم هذه المشاريع عوائد طويلة الأجل لأنها تولد إنتاج ثابت للطاقة وأرباح دائمة طوال فترة تشغيلها.
بالإضافة إلى ذلك، هناك فرص في تطوير حلول تخزين الطاقة وتقنيات الشبكات الذكية، والتي تعتبر أساسية لربط الطاقة المتجددة مع أنظمة الطاقة الحالية.
تشجيع الحكومة على الاستثمار في الطاقة المتجددة
نعم، تقوم معظم الحكومات إن لم يكن كلها على تشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة، وتقوم بتنفيذ سياسات ووضع قوانين لجذب المستثمر المحلي والأجنبي كذلك.
فتجد أنه يتم تقديم العديد من الحوافز الحكومية، مثل الإعفاءات الضريبية والإعانات والمنح، هذا بجانب التسهيلات المتميزة.
بل تقوم الحكومات بتوفير مراكز ومعامل وأقسام مفتوحة أمام المستثمرين في مجال التطوير لأدوات ومعدات استخلاص الطاقة المتجددة من مصادرها المتنوعة.
أيضًا تقوم الحكومات بتحديد جزء من الموازنة العامة للدولة وتخصيصه لمشاريع الطاقة المتجددة، والهدف هنا أن تساعد في التغلب على التكاليف الأولية المرتفعة لإنشاء هذه المشاريع.
وعندما تستثمر الحكومة في الطاقة المتجددة، فإنها تؤكد على الثقة في إمكانيات القطاع، مما يشجع المستثمرين ويجذبهم لاستثمار أموالهم فيه.
كم يكلف الاستثمار في الطاقة المتجددة؟
وبالنسة لتكاليف الاستثمار في الطاقات المتجددة فهي مختلفة بشكل كبير، حيث تعتمد على نوع التكنولوجيا وحجم المشروع، فمشروع الطاقة الشمسية يمكن أن يكلف ما بين 1000 و 3000 دولار.
ولكن هذا لكل كيلووات من السعة الإجمالية للمشروع.
وهذا يعني أن تكلفة تركيب الطاقة الشمسية السكنية الصغيرة قد تتراوح ما بين 10 آلاف و 30 ألف دولار أمريكي.
في حين أن المشاريع التجارية الكبيرة قد تكلف ملايين الدولارات، مثل مزارع الطاقة الشمسية.
ومشاريع طاقة الرياح أقل من حيث التكلفة، فتكلفة الكيلووات تتراوح ما بين 800 و 2000 دولار أمريكي.
ومزارع الرياح البحرية تكلفتها أغلى بكثير، ففي حين أن مزرعة الرياح البرية بقدرة 100 ميجا وات تكلف المستثمر حوالي 130 مليون دولار، تكلف المزرعة البحرية 300 مليون دولار.
مخاطر الاستثمار في الطاقات المتجددة
الاستثمار في الطاقات المتجددة استثمار ممتاز ومربح من جميع الجهات، ولكن هناك بعض التحديات التي يجب أن تخطط لها جيدًا، أولها الطبيعة المتقطعة لمصادر الطاقة المتجددة.
فالضوء لا يتوفر طوال اليوم، وكذلك الرياح لا تهب بشكل دائم، مما يؤدي إلى تقلبات في إنتاج الطاقة، ولذلك يجب توفير حلول لتخزين احتياطي من هذه الطاقة.
والتحدي الثاني هو تكلفة الاستثمار الأولية، فكما ذكرنا أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يتطلب مئات الملايين من الدولارات، ولذلك تكون مشاريع مشتركة بين العديد من المستثمرين.
وأخيرًا من الصعب دمج الطاقة المتجددة في البنية التحتية القائمة، فهذه العملية تتطلب مجهود كبير وخبرة واسعة وتكاليف مرتفعة.
ملخص
وفي نهاية المقالة، لقد استعرضنا معلومات حول كيفية الاستثمار في الطاقات المتجددة، وتعرفنا كذلك على أنواع الطاقة المتجددة ومتوسط تكلفة المشاريع الاستثمارية في هذا القطاع.