نسمع كثيرًا في أوساط الأعمال والشركات والقنوات الاقتصادية والاستثمارية عن مصطلح الاستثمار الجريء ، وهو المصطلح الذي زاد تريده في السنوات العشر الأخيرة بشكل كبير للغاية.
فما هو الاستثمار الجريء؟. ولماذا هو مهم؟. ولماذا زاد انتشاره وترديده في أوساط المال والأعمال كثيرًا في الأونة الأخيرة؟. ما مميزاته وما هي عيوبه بالنسبة لأصحاب الشركات الناشئة والصغيرة؟.
ما هي أسسه ومحدداته ومراحله وأنواعه؟. وما هي أهم الشركات المتخصصة في مجال الاستثمار الجريء على المستوى العربي؟.
كل هذا وأكثر نتعرف عليه بشكل مفصل خلال السطور التالية.
محتويات المقال
ما هو الاستثمار الجريء؟
معظم الشركات الصغيرة في بدايتها تحتاج إلى الحصول على رأس مال كبير لتكون قادرة على تحقيق النمو الذي بدوره يجعل منها شركة قادرة على منافسة الشركات الكبرى في السوق الخاص بها.
ولكي تحصل الشركات الصغيرة على المال اللازم، فإنها تعتمد على مصادر تمويل خارجية، هذا لأنها لا تستطيع الحصول على قروض بسبب القيود والشروط التي تفرضها البنوك.
أحد أهم المصادر للحصول على التمويل للشركات الناشئة حاليًا هي شركات رأس المال الاستثماري، أو شركات رأس المال الجريء.
إذًا، الاستثمار الجريء -أو كما يسمى برأس المال الجريء- يُقصد به الاستثمار في الشركات الناشئة من خلال تمويلها لتتطور وتنمو.
بمعنى آخر هو عملية شراء أو تملك أسهم في شركات ما زالت في بدايتها حتى تحقق هذه الشركات الانتشار والنجاح اللازمين لتصبح قيمتها السوقية أعلى، ومن ثم يتم بيع الأسهم وتحقيق الأرباح من فرق السعر وقت شراء الأسهم ووقت بيعها.
وقد سُمي أيضًا بالاستثمار المخاطر لأنه فيه نسبة مخاطرة عالية إلى درجة كبيرة، فأنت تقوم بوضع رأس مالك للاستثمار في شركة أو مشروع جديد لست متأكدًا مما إذا كان سينجح أم لا، ولكن في المقابل قد تحصل على أرباح كبيرة للغاية تفوق توقعاتك.
أساسيات الاستثمار المخاطر
يعتمد الاستثمار الجريء في الأساس على تحويل الشركة الناشئة إلى أسهم، ويتم بيع تلك الأسهم لعدد محدود من المستثمرين المخاطرين، ويحدث هذا الأمر عادة من خلال صناديق خاصة.
فالمستثمر المخاطر يميل إلى استثمار مبالغ كبيرة جداً في عدد قليل من الشركات الناشئة، على العكس من الاستثمار في الأسهم الخاصة، فالأسهم الخاصة تذهب دائماً لفكرة الاستثمار في الشركات الكبيرة والمعروفة والناجحة.
مراحل الاستثمار الجريء
يمر الاستثمار الجريء بعدة مراحل، أو يتم الاستثمار في الشركات الناشئة في أثناء مراحل بدايتها التالية:
أول تلك المراحل هي مرحلة التأسيس، فيها تكون الشركة عبارة عن فكرة أو اقتراح لخدمة أو منتج جديد، وهنا يجب على صاحب المشروع أو الفكرة أن يعمل على إقناع صاحب رأس المال المخاطر بأن تلك الفكرة لها مستقبل، ويمكن أن تكون استثمار مربح.
إذاً لابد أن تتأنى في اختيارك للشركة التي تضع رأس مالك فيها، وهنا يكمن الخطر، فعليك ألا تختار شركة لا تبدي ما يجعلك تتوقع نجاحها وتحقيقها النمو اللازم لمضاعفة رأس مالك.
والمرحلة الثانية وهي مرحلة البداية، أو مرحلة التشغيل الفعلي للشركة الناشئة، وهي من المراحل التي تحتاج توفير كمية كبيرة من النقود، ففي هذه المرحلة يجب وضع خطة تسويقية جيدة، حتى يتم تعريف العملاء بالمنتج أو الخدمة التي تقدمها الشركة.
وتكون الحاجة للمال في هذه المرحلة لعمل الأبحاث ودراسة السوق والمستهدفين، ووضع استراتيجية التسويق، وتكلفة الحملة الإعلانية للمنتج أو الخدمة، حتى تستطيع عمل جذب للمستهدفين.
وبعد ذلك تنتقل الشركة إلى المرحلة التي تبدأ فيها التطلع إلى تصنيع المنتج والبيع بشكل جدي، ولهذا تحتاج إلى تمويل إضافي بقدر كبير من النقود، وهذه المرحلة تحتاج أضعاف ما أخذته في المرحلتين السابقتين.
وفي المرحلة الرابعة تسعى الشركات الناشئة فتح أسواق جديدة وجذب عملاء جدد، والتوسع في نشر منتجاتها وخدماتها، وهي من المراحل التي يستهدفها المستثمرون برأس المال المخاطر، فقد بدأت تظهر ملامح نجاح الشركة.
أهم محددات الاستثمار المخاطر
أما عن محددات الاستثمار الجريء، فهناك ثلاث محددات لضمان نجاح هذا الاستثمار، وهذا ما أجمع عليه كل من خاض في ذلك المجال الخطر، فحاول دراسة تلك المحددات جيداً قبل بدء استثمارك، وهي كما يلي:
أولاً تحديد الأهداف من الاستثمار المخاطر، فهناك أهداف مالية وأهداف استراتيجية، فقم بالاختيار هل هدفك هو تحقيق أرباح مالية أم تحقيق توسع وانتشار وخبرة.
ثانياً يجب عليك تنويع المحفظة الاستثمارية، فلا تنسى المقولة التي تقول “لا تضع كل البيض في سلة واحدة”، هذا لأن نسبة المخاطرة مرتفعة جداً كما اتفقنا، ولأن الاستثمار في أكثر من شركة ناشئة يزيد من نسبة زيادة رأس المال، لهذا ينصح بالتنويع في المجالات والشركات والمناطق الجغرافية.
والمحدد الثالث من محددات رأس المال الجريء، هو اختيار نوع الاستثمار المناسب، فلا يفضل أن تستثمر في مجال لا تعرف عنه أي شيء، حاول الاستثمار في شركة تقدم خدمة أو منتج أو تعمل في مجال أنت ملم بكل تفاصيله.
تشكيل صناديق رأس المال المخاطر
أساتذة ومتخصصون في مجال إدارة الأعمال، أناس لديهم خبرة كبيرة في مجال الاستثمار والأسواق المالية؛ هؤلاء هم من يتم الاعتماد عليهم في تأسيس وتشكيل صناديق رأس المال الجريء، وهم من يعملون على وضع الاستراتيجية والمبالغ المستهدفة.
ويبدأ الأمر بتشكيل صندوق أولي، وبعد نهايته يتم صرف الأرباح، وبعدها يتشكل الصندوق الثاني والثالث، وحتى تصل الشركة إلى مرحلة لا تحتاج فيها إلى جذب مستثمرين جدد، وتلك المجموعة تكون مدير الصندوق.
وفي الغالب يكون عمر صندوق الاستثمار المخاطر هو 10 سنوات، ويتم تقسيمها إلى مرحلتين، كل مرحلة 5 سنوات، والمرحلة الأولى تسمى مرحلة دورة الاستثمار، والمرحلة الثانية هي لجمع أرباح المرحلة الأولى.
أهم صناديق الاستثمار المخاطر
على أساس المرحلة التي وصلت لها الشركة يتم تسمية الصندوق، فأهم صناديق الاستثمار الجريء يمكن تصنيفها كما يلي:
صناديق رأس المال المبدئي، وتستثمر تلك الصناديق في الشركات في بدايتها، وهي ما تزال مجرد فكرة.
وهناك أيضاً صناديق إنطلاق الشركات، وهي الصناديق التي تستثمر في الشركات الناشئة التي تمتلك منتج فعلي.
ومن تلك الصناديق، صناديق رأس المال المبكر، وتستثمر هذه الصناديق في الشركات التي لم يمر على انطلاقها سوى عامين أو ثلاثة أعوام على الأكثر.
صناديق التوسع، وهي صناديق تستثمر في الشركات التي تمتلك منتج أو خدمة وأصبح لها عملاء بالفعل، وترغب في التوسع من خلال فتح أسواق جديدة.
هناك أيضًا صناديق المال المتأخرة، وهي صناديق تستهدف الشركات التي تريد العمل على زيادة مبيعاتها وتحقيق أهداف أبعد.
وأخيراً صناديق الجسر، وهي الصناديق التي تستثمر في الشركات الصغيرة التي حققت نجاحات جيدة وبدأت في الإنتقال من مرحلة الشركات الناشئة والصغيرة إلى شركات من الحجم المتوسط.
أهم المنصات والشركات المتخصصة
هناك العديد والعديد من الشركات والمنصات التي تقدم لعملائها جميع أنواع صناديق الاستثمار الجريء، ومن أهم تلك المنصات والشركات ما يلي:
الشركة السعودية للاستثمار الجريء، وهي من أقوى الشركات التي تقوم بتقديم عدد من الصناديق الاستثمارية التي تستهدف الشركات الصغيرة والمتوسطة في مراحلها الأولى.
وهناك أيضاً منصة ماجنيت، وهي من أقوى المنصات التي تتيح للمستثمرين الوصول إلى الشركات الناشئة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وإفريقيا وباكستان، هذا غير العديد من الدول الأخرى.
ومن أشهر تلك المنصات أيضاً، منصة Hub71 الإماراتية، وهي تعمل على الاستثمار في الشركات التكنولوجية الناشئة، وشركات رأس المال المخاطر.
وأيضًا شركة غلوبال فينتشرز، وهي من أهم شركات الاستثمار المخاطر في الشرق الأوسط، ومقرها دبي بالإمارات العربية المتحدة.
مزايا وعيوب الاستثمار الجريء
يتميز هذا النوع من الاستثمارات بالعديد من المميزات، أهمها هو اكتساب الخبرة التجارية والربح المادي، فمساعدة الشركات الناشئة في عملية اتخاذ القرارات تعمل على زيادة الخبرة لدى المستثمرين.
كما أنها تعمل على زيادة الخبرة في العديد من المجالات، مثل المجالات القانونية والضريبية وشئون العاملين.
هذا غير اكساب المستثمرين مهارات التواصل مع المجتمع، هذا ما يقوي الرابطة بين أفراد المجتمع، ونشر الثقافات بين المجتمعات.
أما عن العيوب فهناك بعض العيوب الخطيرة لهذا النوع من الاستثمارات، الأول هو أنه يؤدي إلى جعل المستثمر يمتلك ما يزيد عن 50% من رأس مال الشركات في بدايتها، وهذا ما يؤدي إلى سيطرتهم على العديد من الشركات.
وكذلك نسبة الخطر من عيوب الاستثمار الجريء؛ وهي التي تصل إلى نسبة مرتفعة في معظم الأحيان، وقد تؤدي إلى خسارة كل رأس مال المستثمر.
ملخص
الاستثمار الجريء يُقصد به تملك الأسهم في شركات ناشئة لمساعدتها على تحقيق الانتشار والنجاح اللازمين لتصبح قيمتها السوقية أعلى، ليتم فيما بعد بيع تلك الأسهم وتحقيق الأرباح من فرق السعر وقت شراء الأسهم ووقت بيعها.
هناك أساسيات ومحددات ومراحل لعمليات الاستثمار الجريء وله صناديق متنوعة يتم تشكيلها بالاعتماد على خبراء في علم الاقتصاد، فيما تتم عمليات الاستثمار الجريء من خلال شركات متخصصة في هذا القطاع.
تعليق واحد
أنا أبحث عن فكرة مشروع