تجربتي محل سباكة. مشروع محل سباكة هو نموذج للمشروع الصغير المربح في المملكة العربية السعودية، ويرجع ذلك إلى كثرة الإقبال على منتجات محلات السباكة نظرًا لوجود أعمال بناء وتطوير في مختلف المناطق، فضلًا على أعمال الصيانة والتصليح التي تتم في المنازل والبنايات القديمة.
الأمر الأكثر أهمية -بجانب حجم الطلب الكبير- هو هامش الربح المرتفع، فمن خلال بيع منتجات السباكة يمكن تحقيق هامش ربح مرتفع، وهو ما يعني صافي ربح كبير في نهاية كل شهر.
ولكن وعلى الرغم من تلك المزايا التي تجعل من مشروع محل سباكة مشروع ناجح، هناك معايير واعتبارات وأسس يجب العمل وفقًا لها، وهناك ممارسات خاطئة ومخالفات يجب الابتعاد عنها لضمان النجاح، وإلا فإن الخسارة هي الأقرب.
بصفتك شخص لا يمتلك خبرة في مجال محلات السباكة، وترغب في بدأ هذا المشروع بنجاح، فكيف لك أن تعرف المعايير والأسس التي يجب أن تعمل وفقها والممارسات والأخطاء التي يجب عليك التخلي عنها؟.
بالطبع من خلال تجارب الآخرين، فمن خلال التجارب تحصل على خبرات وتعرف أسرار تساعدك على النجاح.
لذلك قررت أن أعرض عليك تجربتي مع مشروع محل سباكة وتجارب آخرين مع المشروع عينه لتكون لديك المقدرة على بدء المشروع وتشغيله بنجاح. تابع فيما يلي.
محتويات المقال
مشروع محل السباكة ورأس المال المطلوب
يخبرنا السيد علي بتجربته فيقول: قبل أن أبدأ تجربتي محل سباكة قمت بسؤال بعض الأصدقاء والمعارف عن قيمة رأس المال التي من الممكن أن أتمكن من خلالها بفتح هذا المشروع، وكانت صدمتي عندما أخبروني بمبالغ طائلة لفتح هذا المشروع، وشعرت وقتها أنني لن أستطيع البدء فيه على الإطلاق.
ولكنني لم أستسلم وقررت أن أتجه لأهل التخصص وطلبت من مكتب دراسة جدوى مشهور في مدينتي بأن يجهز لي دراسة جدوى كاملة لهذا المشروع، وكانت تلك الخطوة مهمة جدًا في إنجاح مشروعي، حيث علمت من خلالها أنه بإمكاني افتتاح هذا المشروع برأس مال صغير على عكس ما ذكره لي الآخرون.
وكانت تشترط دراسة الجدوى أن أفتتح متجر السباكة في حارة صغيرة أو واحد من الأحياء البسيطة، وذلك حتى تتوافق قيمة الإيجارات في المنطقة مع رأس مالي البسيط.
وبالفعل هذا ما فعلته فقد اخترت حارة صغيرة في مدينة الدمام لأفتتح فيها متجري، وقد كان أكبر اهتمامي في أن أجد حارة أو حي صغير وفي نفس الوقت لا يتواجد به أي محل سباكة آخر نهائيًا.
وذلك لأنه عادة ما يكون زبائن تلك المحلات هم من العمالة الغير نظامية التي تسكن في ذلك الحي، فإن قمت بافتتاح محلي في مكان يتواجد به غيري فبالتأكيد سيكون هو الأكثر شهرة بينهم وسيكونون بالفعل زبائنه من قبل تواجدي؛ أي أن الأحياء الصغيرة لا تحتمل وجود أكثر من محل واحد لهذا النوع من التجارة.
وأنصحك أيضًا من خلال تجربتي محل سباكة في أن تتجه إلى الأحياء الصغيرة التي يتواجد بها عمليات بناء أو تشطيب شقق كثيرة، لأن هذا سيرفع من فرصتك في بيع منتجاتك لأصحاب عمليات التشطيب تلك.
تجربتي محل سباكة من وجهة نظر السيد عبد الله
وعند سؤال السيد عبد الله عن الأماكن التي يقصدها للحصول على بضاعته، فأجاب قائلًا: لقد كانت تلك هي أكبر مشكلة واجهتني في تجربتي محل سباكة، ولم أصل إلى أفضل طريقة إلا بعد تجربة عدة طرق لم تؤتي ثمارها بالنسبة لي.
ففي النهاية تمكنت من الوصول لعدد من أصحاب محلات بيع أدوات السباكة بالجملة في مدينتي، وبعد سؤال عدد منهم ومعاينة البضائع لديهم، قمت بالتعاقد مع أفضل ثلاثة أماكن من ناحية السعر والجودة، وبعد مرور بعض الوقت استقريت على اثنين فقط لعدم انضباط الثالث في المواعيد.
ومن خلال تجربتي أنصحك أن تلجأ لمصدر واحد من اثنين؛ إما أن تفعل مثل ما فعلته أنا وتتجه إلى واحد من تُجار الجملة في مدينتك، وستجد الكثير من أسواق الجملة التي تنتشر في جميع مدن ومناطق المملكة العربية السعودية؛ كمحلات الجملة في الرياض في البطحاء والملز على سبيل المثال.
أو أمامك اختيار آخر ولكنه أكثر صعوبة من الأول؛ وهو أن تبحث عن المصدر الأول أو اليد الأولى التي يحصل من خلالها تجار الجملة على بضاعتهم.
وتكمن صعوبة هذا الاختيار في كمية البضاعة التي يجب أن تحصل عليها؛ حيث أن اليد الأولى غالبًا ما تتطلب منك أن تتعاقد على كمية ضخمة من البضاعة، ولكن في مقابل ذلك ستحصل على تلك الكمية بأقل سعر ممكن لها، مما سيساعدك على تحقيق هامش ربح أكبر وفي نفس الوقت الحصول على رضا الزبائن.
وهناك قاعدة أساسية ومهمة للغاية في عالم التجارة؛ وهي أنه كلما زاد سعر القطعة الواحدة، كلما قلّ هامش الربح الذي ستتمكن من تحقيقه من خلال بيعها، وبالعكس فإذا انخفض سعر القطعة، ستتمكن من تحقيق هامش ربح أعلى بكثير.
هل تنجح تجربة مزاولة التجارة بجانب الوظيفة؟
من وجهة نظر السيدة أسماء فلا يمكن للشخص الذي يعمل كموظف سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص أن يتمكن من مزاولة كلًا من نشاط التجارة وعمله في تلك القطاعات في آن واحد.
وعلى الرغم من وجود أكثر من مثال في المملكة يدل على إمكانية ذلك، إلا أن السيدة أسماء ترى أن هذا الجمع بين عملين سينتج عنه تقصير في واحد منهما؛ إما التجارة أو الوظيفة، وهو ما قد يؤدي لعواقب أخرى في المستقبل.
وأخبرتنا السيدة أسماء تجربتها قائلة: تجربتي محل سباكة لا تخصني أنا؛ وإنما هي تجربة ابني الوحيد محمد، فمنذ تخرجه من الجامعة وقد استطاع أن يتوظف في واحد من القطاعات الحكومية، وقد كانت مواعيد دوامه تبدأ منذ الساعة الثامنة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا.
ولذلك فقد قرر أن يبدأ مشروعه كصاحب محل سباكة؛ وبمرور الوقت وبعد أن تكبد الكثير من التكاليف لتجهيز المحل وفرشه بالبضائع، وجد أنه لا يستطيع الاكتفاء بفترة عمل واحدة في المحل، وأنه لابد أن يفتح المحل منذ الصباح الباكر وحتى الليل وذلك ليحقق الأرباح المرجوة.
ولذلك أنصح من هو في نفس الحالة من خلال تجربتي محل سباكة وتجربة ابني أن يتجه إلى حل مناسب مثل توظيف عامل بالمحل ليكون مسؤول عنه في الفترة التي لا يتمكن صاحب المحل من إدارته كالفترة الصباحية مثلًا، وعليه أن يحرص أن يكون العامل سعودي لأن هذا النشاط مُسعود الآن.
تجربتي محل سباكة برأس مال ضخم
أما إذا كنت ترغب في افتتاح محل سباكة كبير، فيجب عليك أن تتبع تجربة السيد يوسف بالضبط، فقد أخبرنا عنها قائلًا: لم أكن من الأشخاص المتسرعين يومًا ما، ولذلك استطعت أن أصبر كثيرًا وأدخر مبلغًا كبيرًا يساعدني على اختيار المشروع المثالي بالنسبة لي، وقد وقع اختياري على محل سباكة بأفضل التجهيزات.
فقد قمت بتجهيزه من خلال رأس مال يساوي تقريبًا 400 ألف ريال، وكان هذا المبلغ كافي جدًا لعمل محل سباكة أشبه بالمعارض، فقد كان في مكان كبير وفي منتصف شارع رئيسي وحتى أن مساحته كانت مناسبة للغاية، واستطعت كذلك أن أوفر بعض الديكورات والإضاءة الجذابة للزبائن.
وفي تجربتي محل سباكة كنت مهتمًا كثيرًا بأن أوفر كمية كبيرة جدًا من البضائع ومنتجات السباكة التي تستخدم بشكل مستمر، وذلك حتى يظل متجري ظاهر وواضح في السوق، وحتى تجد الزبائن دائمًا ما يحتاجون إليه لدي فأصبح اختيارهم الأول، كما أن شراء كميات كبيرة يعطيني هامش ربح أفضل بالطبع.
التجربة الأخيرة: تجربة الشيخ سالم
يحكي الشيخ سالم تجربته فيقول: أعمل كصاحب متجر سباكة منذ أكثر من 35 عام، فلم أتجه إلى أي وظيفة حكومية أو خاصة وإنما اتجهت مباشرة بعد إنهاء تعلمي إلى افتتاح هذا المتجر المتوسط.
وقد كان هذا المتجر هو فقط مصدر رزقي طوال السنوات السابقة، كما أنني كنت ولا أزال دائمًا معتمدًا على نفسي ومسؤولاً بشكل كامل في جميع الأمور التي تخص المتجر؛ سواء كانت عملية البيع أو ترتيب وتنظيم المحل أو حتى الذهاب للأسواق والحصول على البضاعة المناسبة.
وأنا أنصح جميع أصحاب المحلات من خلال تجربتي محل سباكة بالتحلي بالصبر والقناعة، فالسوق دائمًا متغير؛ وإذا كان اليوم في أفضل صورة قد تجده غدًا لا يحقق أي ربح لك، فقط اصبر وحاول تعلم المهارات اللازمة للبيع والحصول على بضائع بأفضل أسعار لجذب الزبائن من جديد.
ملخص
وبعد أن رأينا تجربتي محل سباكة، وتجارب بعض أصحاب المحلات الكبيرة في السعودية، أرجو أن تكون الآن على دراية بأن هذا المشروع قد يكون شاق ومتعب بعض الشيء.
ومن خلال الخوض في قصص هؤلاء الأشخاص، اكتشفنا دروسًا مهمة، مثل أهمية خدمة العملاء، وأهمية التطوير المستمر، والمثابرة.
وقد اكتشفنا أن بناء متجر سباكة يتطلب مزيج من الخبرة الفنية وفهم التجارة وأساليب التسويق، فهي أساس نجاح المشروع في أي مكان.
وسواء كنت تفكر في مشروع متجر سباكة أو مجرد فضول بشأن هذه التجارة، تذكر أن النجاح في متناول اليد، حتى بالنسبة لأولئك الذين يبدأون بمعرفة محدودة أو متوسطة.